Ad

العلاقة بين الليرة السورية والليرة التركية

 



مع استمرار التحدّيات الاقتصادية في كلّ من سوريا وتركيا، تُعدّ حركة سعر صرف الليرتين أمام بعضهما البعض مؤشّراً مهمّاً على طبيعة العلاقات الاقتصادية، على صعيد الصادرات والواردات، والتبادل التجاري، والضغوط النقديّة في البلدين. في هذا المقال نُراجع أبرز تطوّرات سعر الصرف، العوامل المؤثّرة فيهما، ودلالات العلاقة بين الليرة السورية والليرة التركية.


١. الوضع الراهن لسعر الصرف

  • وفقاً لـ منصة «الليرة اليوم»، فإنّ قيمة 1 ليرة تركية تُقدَّر بنحو 277 إلى 280 ليرة سورية تقريباً، حسب المدينة (دمشق، حلب، إدلب).
  • مثلاً، في أواخر أكتوبر 2025، سجّلت الليرة التركية نحو 280.50 ليرة سورية للشراء تقريباً.
  • من جهة أخرى، سعر الليرة السورية مقابل الليرة التركية يقدَّر بحوالي 0.0031–0.0032 ليرة تركية لكل ليرة سورية تقريباً.

أي أنّ قيمة الليرة السورية ضعيفة جداً مقارنة بالليرة التركية، الأمر الذي يعكس تفاوتاً كبيراً في القوة الشرائية والاقتصاد الكلي في البلدين.


٢. العوامل المؤثِّرة في سعر الصرف بين الليرتين

• الوضع الاقتصادي السوري

سوريا تعاني من حرب دامت سنوات، وارتفاع في معدّل التضخّم، وتراجع في الإيرادات الحكومية، وفقدان أجزاء من السيطرة الاقتصادية. وفق بيانات «ويكيبيديا»، فقدت الليرة السورية أكثر من 99٪ من قيمتها منذ عام 2011.
هذا الأداء يضعف قدرة الليرة السورية على التحكّم في سعر صرفها أمام العملات الأخرى.

• الضغوط النقديّة التركية

تركيا أيضاً تواجه ضغوطاً كبيرة: خفض قيمة العملة تدريجياً، ارتفاع التضخّم، تقلبات سياسية، وتأثيرات من العلاقات الدولية. كل هذه العوامل تؤثّر على قيمة الليرة التركية.
مثال: في سبتمبر 2025، ارتفعت الليرة التركية قليلاً بعد قرار قضائي مؤقت، لكن لا تزال المخاطر قائمة.

• التبادل التجاري والموقع الجغرافي

تركيا تُعدّ شريكاً تجارياً هاماً لسوريا، لا سيّما في المناطق الشمالية، من حيث المنتجات والبضائع، الأمر الذي يجعل حركة سعر الليرة التركية أمام السورية مهمة للمستوردين والمصدّرين في سوريا.
أي تغيّر في سعر الصرف يُترجَم فوراً إلى تكلفة أعلى للواردات، أو ربح أقل للمصنّعين المحليّين.

• السوق الرسمية مقابل السوق السوداء

في سوريا هناك تمييز بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق الموازية (السوداء). فعلى سبيل المثال، سعر الصرف الرسمي قد لا يعكس السوق الفعلية، مما يزيد من التحديات على القدرة الشرائية للمواطن.


٣. دلالات التباين بين العملتين

  • التباين الكبير في سعر الصرف بين الليرتين يعني أنّ المستورد السوري من تركيا يدفع تكلفة سنوية أعلى للقبض على نفس الكمية من البضاعة التركية.
  • بالمقابل، قد يجد المصدر السوري إلى تركيا نفسه مقوّماً بأقل قيمة بسبب ضعف الليرة السورية، ما يقلّل من القدرة التنافسية.
  • انخفاض قيمة الليرة السورية يعني أيضاً أنّ الكثير من السوريين قد ينظرون إلى الليرة التركية أو حتى الدولار كملاذٍ أكثر أماناً للحفاظ على قيمة المدخرات، ما يزيد الطلب على العملات الأجنبية أو التركية ويزيد الضغط على الليرة السورية.

٤. ما الذي ينتظر السوق؟

• في سوريا

إذا استمرّت الأوضاع الاقتصادية «مفتوحة» بدون تحسينات حقيقيّة في الإنتاج أو الإيرادات أو إعادة الإعمار، فربّما تستمر الليرة السورية في التراجع أو пребыّن في وضع ضعيف. الحكومة قد تلجأ إلى إجراءات مثل «إعادة تسعير» العملات / حذف أصفار / أو إصدار عملة جديدة لتعزيز الثقة. فعلى سبيل المثال، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي عن نية طباعة أوراق نقدية جديدة ضمن جهود لدعم العملة.

• في تركيا

إذا نجحت تركيا في ضبط التضخّم، تعزيز الاستثمارات الأجنبية، واستقرار الوضع السياسي – فقد تشهد الليرة التركية ارتداداً إيجابياً وهذا سينعكس على سعرها مقابل السورية أيضاً.

• العلاقة بين العملتين

في حال تحسّن الليرة التركية، وفقدانة السورية لمزيدٍ من قيمتها أو استقرارها، فسيظل الفارق كبيراً مما يعزّز اعتماد السوريين في المناطق القريبة على الليرة التركية كبديل عملي.


٥. توصيات للمواطن والمستثمر

  • من يمتلك مدخرات بالسورية، فمن المفيد التفكير في التنويع انطلاقاً من واقع ضعف القيمة، لكن هذا يتطلّب الحذر لأن تحويل العملات أو عملات أجنبية يحمل مخاطر مرتبطة بالسيولة والقيود.
  • المستورد السوري من تركيا عليه متابعة سعر الصرف بعناية ويفضّل استخدام عقود تحويل أو تغطية مخاطرة الصرف لتجنّب صدمات سعرية.
  • الحكماء في هذا المجال ينصحون بعدم وضع «مدخرات كلّها» في عملة محلية ضعيفة دون تنويع، أو وضعها في أصول أقل تأثّراً بصرف العملات.

الخلاصة

العلاقة بين الليرة السورية والليرة التركية تكشف عن اختلافات عميقة في الاقتصادين، ومرحلة انتقالية يخضعان فيها لعدة ضغوط منها التضخّم، التدخّلات الحكومية، والتبادل التجاري.
سعر صرف «1 ليرة تركية ≈ 280–280+ ليرة سورية» حالياً يعكس هذا التباين.
إذا لم تشهد سوريا إصلاحات حقيقية أو تحسّناً ملحوظاً، فمن المرجّح أن تستمر الليرة السورية في وضع ضعف مستمر، بينما تركيز تركيا على الاستقرار قد يمنح ليرتها فسحة ارتداد.
لكل من المواطن الاقتصادي، أو المستورد، أو المستثمر، فإن فهم هذا المشهد أمر أساسي لتقرير متعلّقاته المالية والتجارية على المدى المتوسط والبعيد.

تعليقات

Ad

Ad

إخلاء مسؤولية: تدير منصة معلومة نيوز بلس محتواها وفقًا لأفضل الممارسات المهنية. الآراء الواردة في المقالات تعبر عن وجهة نظر كاتبيها ولا تعكس بالضرورة رأي الإدارة. نحن نبذل جهدًا معقولاً لضمان دقة المعلومات، لكننا لا نتحمل مسؤولية أي أخطاء قد تطرأ، أو أي قرارات يتخذها القارئ بناءً على محتوى الموقع.