Ad

لماذا لا تستهدف شركة رولكس في الرياضات الشعبية

 



تُعد رولكس (Rolex) واحدة من أكثر العلامات التجارية شهرة وهيمنة في العالم، ليس فقط في عالم الساعات، بل في ميدان التسويق الفاخر أيضًا. لكن المثير للدهشة أن هذه الشركة العملاقة لا تُعلن في الرياضات الشعبية مثل كرة القدم أو كرة السلة، رغم جماهيريتها الهائلة حول العالم. فهل السبب ضعف الاهتمام؟ أم أن وراء ذلك استراتيجية تسويقية مدروسة تهدف لحماية الصورة الراقية للعلامة؟

في هذا المقال، نستعرض الأسباب العميقة التي تفسر لماذا تتجنب رولكس الإعلانات في الرياضات الجماهيرية، وكيف تحافظ على مكانتها الفريدة في عالم الرفاهية.


1. رولكس تبيع “رمزًا للمكانة” وليس منتجًا

رولكس لا تبيع مجرد ساعة تُظهر الوقت، بل تبيع إحساسًا بالمكانة الاجتماعية والنجاح.
العلامة موجهة إلى شريحة من العملاء تعتبر نفسها "نخبة"، تبحث عن التميز لا الشعبية.
الرياضات الشعبية، رغم ضخامتها الجماهيرية، تُعد "عامة"، أي أن جمهورها متنوع من مختلف الطبقات، بينما تستهدف رولكس الطبقات الثرية والمثقفة، الذين يربطون الفخامة بالهدوء والرقي لا بالضوضاء الجماهيرية.

ولهذا نجد رولكس أكثر حضورًا في فعاليات مثل:

  • بطولات التنس الكبرى (ويمبلدون، رولان غاروس).
  • سباقات اليخوت وسباقات الفورمولا 1.
  • بطولات الغولف العالمية.
  • بطولات الفروسية.

كلها رياضات يُنظر إليها كرموز للذوق الرفيع والصفوة الاجتماعية، لا كمجرد منافسات رياضية.


2. “الندرة المقصودة” جزء من هوية رولكس



منذ تأسيسها عام 1905، تبنت رولكس فلسفة تقوم على الندرة والتفرّد.
فالشركة تُنتج عددًا محدودًا من الساعات سنويًا، رغم قدرتها على إنتاج الملايين.
هذه الندرة لا تنطبق فقط على المنتج، بل أيضًا على الظهور الإعلامي — أي أنها لا تريد أن تكون "منتشرة" في كل مكان مثل علامات أخرى.

ففي عالم الرفاهية، الندرة تعني قيمة، والانتشار يعني “ابتذالًا”.
لذلك تتجنب رولكس الإعلانات التقليدية أو الرياضات الشعبية التي تُعرض ملايين المرات يوميًا أمام جمهور واسع، لأنها لا تريد أن تُعامل كـ"منتج تجاري"، بل كـ"رمز نادر" لا يظهر إلا في المناسبات الراقية.


3. فلسفة رولكس: الارتباط بالقيم لا بالشهرة

الإعلانات الرياضية الجماهيرية غالبًا ما تعتمد على النجوم والمشاهير لجذب الانتباه.
لكن رولكس تتبع أسلوبًا مختلفًا تمامًا، فهي لا تسوّق عبر "وجوه مؤقتة"، بل عبر قيم دائمة مثل:

  • الدقة والاحتراف.
  • الإصرار على الجودة.
  • السعي للكمال.

ولهذا، نجدها تختار شركاء رمزيين مثل روجر فيدرر في التنس، أو تايغر وودز في الغولف، الذين يمثلون المثالية والانضباط، لا مجرد النجومية أو الشهرة السريعة.


4. الرياضات الشعبية لا تتوافق مع صورة “الهدوء والرقي”

كرة القدم مثلًا، رغم كونها اللعبة الأولى عالميًا، إلا أنها في نظر العلامات الفاخرة تفتقر إلى الطابع الهادئ والراقي الذي تسعى هذه العلامات للحفاظ عليه.
الملاعب المزدحمة، الجماهير الصاخبة، والاحتكاك البدني الشديد لا يعكسون فلسفة رولكس القائمة على الدقة، الهدوء، والاتزان.

على العكس من ذلك، التنس والغولف مثلًا يعكسان أجواءً من التركيز والسكينة والانضباط الذاتي، وهي قيم تتماهى تمامًا مع صورة رولكس الذهنية.


5. الحضور الذكي بدل الإعلانات التقليدية

رولكس لا تحتاج إلى إعلان تلفزيوني ضخم لتذكير الناس بوجودها، لأنها جزء من مشهد الفخامة العالمي نفسه.
بدلًا من شراء إعلانات في بطولات جماهيرية، تُفضل الشركة أن تكون الراعي الرسمي للزمن في البطولات النخبوية — أي أنها العلامة التي تضبط الوقت الرسمي للمنافسة، مثلما تفعل في ويمبلدون أو الفورمولا 1.

بهذا الأسلوب، تصبح رولكس مرتبطة مباشرة بالدقة والانضباط، وهي السمات التي تُميزها منذ أكثر من قرن.


6. الاستهداف الذكي للجمهور المناسب

في الرياضات الشعبية، يشاهد المباراة ملايين من الجماهير، لكن نسبة قليلة جدًا منهم تملك القدرة الشرائية لاقتناء ساعة رولكس تتجاوز قيمتها آلاف الدولارات.
أما في رياضات النخبة، فالجمهور — سواء الحضور في المدرجات أو المشاهدون عبر القنوات الخاصة — ينتمي غالبًا إلى الطبقات الثرية، وهو جمهورها المستهدف.

أي أن رولكس تركّز على الجودة لا الكمية في جمهورها الإعلاني، فتوجّه جهودها نحو أقلية قادرة على الشراء بدلًا من أغلبية تكتفي بالإعجاب.


7. الإعلانات الشعبية تُضعف القيمة الرمزية

العلامات التجارية الفاخرة تعتمد على التميّز النفسي، أي أن الشخص يشتري المنتج لأنه يراه مختلفًا عن السائد.
لو ظهرت رولكس في كل إعلان وبين كل مباراة شعبية، فإنها ستفقد هالة الندرة والتميز التي تحيط بها.
لذلك، من منظور تسويقي، تجنّب الإعلانات الشعبية هو وسيلة للحفاظ على القيمة لا نقص في الانتشار.


8. الثقة بدلاً من الضجيج

رولكس بُنيت على الثقة التاريخية، فهي من أوائل الشركات التي قدمت ساعات مقاومة للماء، ودقيقة في الأعماق وفي قمم الجبال.
هذه السمعة جعلت العملاء يثقون بها دون الحاجة إلى دعاية مستمرة.
في عالم الفخامة، الثقة أهم من الضجيج الإعلاني، ورولكس تدرك ذلك جيدًا.


الخلاصة

عدم ظهور رولكس في الإعلانات الخاصة بالرياضات الشعبية ليس تجاهلًا للسوق الجماهيري، بل هو قرار تسويقي محسوب بعناية لحماية هوية العلامة الفاخرة.
فهي تفضل أن تبقى رمزًا للندرة والرقي، لا مجرد اسم يتكرر في كل مباراة أو حدث.

رولكس لا تبيع ساعة… إنها تبيع شعورًا بالتميز، وتختار أن تهمس باسمها في آذان القلة الراقية بدلًا من أن تصرخ به أمام الجميع.

تعليقات

Ad

Ad

إخلاء مسؤولية: تدير منصة معلومة نيوز بلس محتواها وفقًا لأفضل الممارسات المهنية. الآراء الواردة في المقالات تعبر عن وجهة نظر كاتبيها ولا تعكس بالضرورة رأي الإدارة. نحن نبذل جهدًا معقولاً لضمان دقة المعلومات، لكننا لا نتحمل مسؤولية أي أخطاء قد تطرأ، أو أي قرارات يتخذها القارئ بناءً على محتوى الموقع.