الأقمار الصناعية أصبحت اليوم من أهم الأدوات التي يعتمد عليها العلماء في دراسة حالة الطقس ومراقبة التغيرات المناخية على كوكب الأرض. فهي ليست مجرد آلات تدور في الفضاء، بل تعد بمثابة “عيون السماء” التي تتابع الأرض لحظة بلحظة وتوفر بيانات دقيقة تساعد في التنبؤ بالعواصف، ورصد درجات الحرارة، ومراقبة التغيرات البيئية. في هذا المقال، نستعرض كيف تُستخدم الأقمار الصناعية في فهم الطقس وتحسين دقة التنبؤات الجوية.
1. دور الأقمار الصناعية في مراقبة الغلاف الجوي
تبدأ مهمة الأقمار الصناعية الخاصة بالأرصاد الجوية بجمع المعلومات من الغلاف الجوي حول درجة الحرارة، والرطوبة، وسرعة الرياح، وكثافة السحب. هذه البيانات تُرسل إلى مراكز الأرصاد حول العالم ليتم تحليلها باستخدام برامج متطورة.
فمثلًا، الأقمار من نوع GOES الأمريكية وMeteosat الأوروبية تراقب الغلاف الجوي على مدار الساعة، وتقدم صورًا تُحدّث كل بضع دقائق، ما يساعد العلماء في تتبع حركة المنخفضات الجوية والعواصف بدقة كبيرة.
2. تتبع السحب والعواصف المدارية
إحدى أهم استخدامات الأقمار الصناعية هي مراقبة السحب وتحديد أماكن العواصف المدارية والأعاصير قبل وصولها إلى اليابسة.
تقوم الأقمار المزودة بمستشعرات الأشعة تحت الحمراء والميكروويف بقياس درجة حرارة قمم السحب، مما يساعد على تحديد شدّة العاصفة وسرعة دورانها.
وبهذه التقنية، يمكن إصدار تحذيرات مبكرة تنقذ أرواح آلاف الأشخاص قبل وقوع الكارثة الطبيعية.
3. قياس درجات حرارة سطح الأرض والمحيطات
الأقمار الصناعية تلتقط أيضًا بيانات دقيقة حول حرارة سطح الأرض والمياه. هذه المعلومات ضرورية لتحديد مناطق الجفاف أو التيارات الدافئة والباردة في البحار، مثل ظاهرة النينيو التي تؤثر على الطقس العالمي.
كما تُستخدم هذه القياسات لتقدير معدلات التبخر وهطول الأمطار، ما يساهم في إدارة الموارد المائية والزراعية بشكل أكثر كفاءة.
4. مراقبة تلوث الهواء والمناخ
لم يعد دور الأقمار الصناعية مقتصرًا على الطقس اليومي فقط، بل أصبح جزءًا من الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي.
فهي تراقب تركيزات ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي، وتقيس مدى انتشار الحرائق والانبعاثات الصناعية.
ومن خلال هذه البيانات، يتمكن العلماء من دراسة تأثير النشاط البشري على البيئة ووضع استراتيجيات للحد من الاحتباس الحراري.
5. التنبؤ الدقيق بالطقس
بفضل الصور عالية الدقة التي تلتقطها الأقمار الصناعية، أصبحت التنبؤات الجوية اليوم أكثر دقة من أي وقت مضى.
فالنماذج الحاسوبية التي تُستخدم للتنبؤ بالطقس تعتمد بشكل أساسي على البيانات القادمة من الأقمار، حيث تُحلل ملايين النقاط من المعلومات لتقدير الطقس خلال الساعات أو الأيام القادمة.
وبهذا، أصبحت المؤسسات الجوية قادرة على التحذير من الأمطار الغزيرة، أو الموجات الحارة، أو البرد القارس قبل حدوثها.
6. مراقبة الكوارث الطبيعية
الأقمار الصناعية تُستخدم أيضًا بعد وقوع الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات أو الزلازل أو الحرائق. فهي توفر صورًا فورية توضح مدى الدمار وتساعد الحكومات وفرق الإغاثة على التخطيط لعمليات الإنقاذ وتقييم الأضرار.
ففي حالات الفيضانات مثلًا، يمكن للأقمار أن تحدد بدقة المناطق التي غمرتها المياه مما يسرّع من جهود الإنقاذ.
الخلاصة
استخدام الأقمار الصناعية في علم الطقس يمثل ثورة حقيقية في فهمنا للعالم من حولنا.
فهي تمكّن العلماء من مراقبة الكوكب بدقة عالية، والتنبؤ بالتغيرات المناخية، والحد من آثار الكوارث الطبيعية.
ومع التطور المستمر في تكنولوجيا الاستشعار والذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن تصبح الأقمار الصناعية أكثر قدرة في المستقبل على تحليل البيانات لحظيًا، مما سيجعل التنبؤات الجوية أكثر دقة وشمولًا من أي وقت مضى.
