في خطوة جديدة نحو تعزيز التحول إلى الطاقة النظيفة، وقعت شركة إيني الإيطالية اتفاقية استراتيجية مع الحكومة المصرية لإطلاق مشروع ضخم لإنتاج الغاز الحيوي من المخلفات الحيوانية والزراعية، في إطار التعاون المشترك بين الجانبين لتطوير حلول مستدامة لمواجهة التغير المناخي ودعم الاقتصاد الأخضر في مصر.
وجرى توقيع الاتفاقية في القاهرة، بحضور وزير البترول والثروة المعدنية المصري المهندس طارق الملا، والرئيس التنفيذي لشركة إيني كلاوديو ديسكالزي، وعدد من المسؤولين من الجانبين. ويهدف المشروع إلى تحويل المخلفات الزراعية والحيوانية إلى مصادر طاقة متجددة تُستخدم في توليد الكهرباء وتشغيل المصانع، إضافة إلى إنتاج الأسمدة العضوية.
وبحسب البيان الصادر عن وزارة البترول، فإن الاتفاقية تتضمن إنشاء وحدات متطورة لمعالجة المخلفات في عدد من المحافظات الزراعية الكبرى مثل الشرقية، الدقهلية، والمنوفية، على أن يتم البدء في المرحلة التجريبية خلال النصف الأول من عام 2026. كما تم الاتفاق على أن تتولى إيني نقل خبراتها التقنية في مجال إنتاج الغاز الحيوي والوقود الحيوي المتقدم إلى الكوادر المصرية، ضمن خطة شاملة لتدريب وتأهيل العاملين في قطاع الطاقة المتجددة.
وأكد الوزير طارق الملا أن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية في استراتيجية مصر للطاقة المستدامة، موضحًا أن الحكومة تسعى إلى رفع نسبة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 42% بحلول عام 2035. وأضاف أن التعاون مع شركة عالمية بحجم إيني يعكس ثقة الشركاء الدوليين في البيئة الاستثمارية المصرية، خاصة في ظل الخطوات الجادة التي تتخذها الدولة في ملف التحول الأخضر وإدارة المخلفات الصلبة.
من جانبه، أعرب الرئيس التنفيذي لإيني، كلاوديو ديسكالزي، عن فخره بتوسيع نطاق التعاون مع مصر ليشمل مشروعات الطاقة الحيوية بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها الشركة في مجال استكشاف الغاز الطبيعي في البحر المتوسط. وقال: "نحن ملتزمون بدعم مصر في بناء اقتصاد منخفض الكربون من خلال الابتكار والاستثمار في التقنيات الخضراء، ومشروع الغاز الحيوي هو خطوة عملية نحو تحقيق هذا الهدف".
وسيسهم المشروع في خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة تتراوح بين 20% و30% خلال السنوات الخمس الأولى، إضافة إلى الحد من التلوث الناتج عن الحرق العشوائي للمخلفات الزراعية، والتي كانت تمثل تحديًا بيئيًا واقتصاديًا كبيرًا في الريف المصري. كما سيخلق المشروع فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في المناطق الريفية، من خلال جمع وفرز المخلفات وتشغيل وحدات المعالجة والإنتاج.
وأشار الخبراء إلى أن الغاز الحيوي المنتَج يمكن استخدامه لتوليد الكهرباء النظيفة أو كمصدر طاقة بديل في المصانع ومحطات الوقود الحيوي، ما يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري التقليدي. كما ستتم إعادة تدوير المواد المتبقية بعد عملية التحويل لاستخدامها في تحسين جودة التربة الزراعية وزيادة إنتاج المحاصيل.
وتأتي هذه الاتفاقية ضمن رؤية إيني للتحول الطاقي التي ترتكز على خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 80% بحلول عام 2050، من خلال الاستثمار في المشروعات الخضراء في إفريقيا والشرق الأوسط. وكانت الشركة قد دشنت مشروعات مماثلة في كينيا وإندونيسيا لإنتاج الوقود الحيوي والغاز المتجدد من النفايات، ما يعكس خبرتها الطويلة في هذا المجال.
وفي السياق ذاته، أوضح المتحدث باسم وزارة البيئة المصرية أن المشروع الجديد ينسجم مع أهداف الاستراتيجية الوطنية للمناخ 2050، ويعزز مكانة مصر كأحد المراكز الإقليمية الرائدة في الطاقة النظيفة وإدارة الموارد الطبيعية. كما يُتوقع أن يسهم في دعم التزامات مصر الدولية باتفاقية باريس للمناخ، عبر تقليل الانبعاثات وتحسين كفاءة إدارة النفايات.
يُذكر أن إيني تُعد واحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في قطاع الطاقة المصري، حيث تدير عددًا من أهم مشروعات الغاز في البحر المتوسط، أبرزها حقل ظهر العملاق الذي غيّر خريطة الطاقة في المنطقة. ومع هذه الخطوة الجديدة، توسّع الشركة نشاطها من التنقيب والإنتاج إلى المشروعات البيئية المستدامة، مما يعزز موقعها كشريك استراتيجي لمصر في مسيرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
بهذه الاتفاقية، تدخل مصر مرحلة جديدة من التنمية المستدامة التي تجمع بين حماية البيئة وتحقيق النمو الاقتصادي، بينما تواصل إيني لعب دور محوري في دعم الابتكار الطاقي في المنطقة، في خطوة تؤكد أن المستقبل للطاقة النظيفة والتكنولوجيا الخضراء.
