في ظل تزايد ضغوط الحياة والعمل وسرعة الإيقاع اليومي، أصبح من الشائع أن يعاني كثيرون من الصداع وآلام العضلات والمفاصل، وغالبًا ما يلجأ الناس إلى تناول مسكنات الألم كحل سريع يمنحهم راحة فورية. لكن خلف هذه الراحة المؤقتة يكمن خطر حقيقي يهدد أحد أهم أعضاء الجسم: الكليتين.
تعمل الكليتان ليلًا ونهارًا على تصفية السموم وتنقية الدم والحفاظ على توازن السوائل والمعادن داخل الجسم. غير أن الاستخدام المتكرر أو الطويل لمسكنات الألم – خاصة تلك التي تُصرف دون وصفة طبية – قد يؤدي إلى تضرر أنسجة الكلى، وربما تطور الأمر إلى الفشل الكلوي إذا لم يتم اكتشاف المشكلة مبكرًا.
كيف تُسبب مسكنات الألم أضرارًا للكلى؟
تؤثر مسكنات الألم، خصوصًا الأنواع التي تحتوي على مركبات مثل الإيبوبروفين أو النابروكسين، على الإنزيمات المسؤولة عن تدفق الدم داخل الكلى. ومع استمرار تناولها لفترات طويلة، يقل تدفق الدم إلى هذا العضو الحيوي، مما يؤدي إلى التهاب الكلى أو انسدادها بمرور الوقت.
الأخطر أن الضرر غالبًا ما يتطور بصمت؛ فلا يشعر المريض بأي أعراض واضحة في البداية. وعندما تبدأ العلامات بالظهور، تكون الكلى قد فقدت جزءًا كبيرًا من قدرتها على أداء وظيفتها الحيوية.
إشارات تحذيرية من الجسم
يحذر الأطباء من تجاهل بعض العلامات التي قد تشير إلى إجهاد الكلى بسبب الإفراط في تناول المسكنات، ومن أبرزها:
- التعب المستمر والضعف العام: شعور دائم بالإرهاق حتى دون مجهود كبير.
- قلة التبول أو تغير لونه: انخفاض كمية البول أو ظهور رغوة تدل على تسرب البروتين من الكلى.
- تورم الأطراف والوجه: نتيجة احتباس السوائل بسبب ضعف قدرة الكلى على التخلص منها.
- الغثيان أو القيء وطعم معدني في الفم: علامة على تراكم السموم في الدم.
- ضيق التنفس: في المراحل المتقدمة نتيجة تراكم السوائل في الرئتين أو اضطراب توازن الأملاح في الجسم.
من الأكثر عرضة للإصابة؟
الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة مثل السكري، ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض القلب أكثر عرضة لتأثيرات مسكنات الألم على الكلى. كما أن كبار السن أو من يعانون من ضعف وظائف الكلى منذ البداية يجب أن يتجنبوا استخدام هذه الأدوية دون استشارة الطبيب.
كيف تحمي كليتيك؟
- استخدم المسكنات عند الضرورة فقط، وتجنب تناولها لفترات طويلة دون إشراف طبي.
- اشرب كميات كافية من الماء يوميًا للحفاظ على ترطيب الجسم وتخفيف العبء عن الكليتين.
- تابع وظائف الكلى بانتظام من خلال الفحوصات الطبية، خاصة إذا كنت تتناول أدوية بصفة مستمرة.
- تجنّب الجمع بين أكثر من نوع من المسكنات، لأن ذلك يزيد من مخاطر السمية الكلوية.
- اعتمد على بدائل طبيعية لتخفيف الألم مثل تمارين الاسترخاء، الكمادات الدافئة، أو التغذية المتوازنة.
العلاج المبكر مفتاح النجاة
في حال ظهور أعراض تدل على تضرر الكلى، يجب التوجه للطبيب فورًا لإجراء الفحوص اللازمة مثل تحليل البول ووظائف الكلى. وقد يتطلب الأمر العلاج بالترطيب، وتنظيم ضغط الدم، وتعديل نوع الدواء المستخدم. أما في الحالات الشديدة مثل الفشل الكلوي، فقد يكون الحل زراعة الكلى لاستعادة وظيفة العضو الحيوي.
إن التعامل غير الواعي مع مسكنات الألم قد يحولها من وسيلة راحة إلى عدو صامت يهدد حياتك.
فالمسكنات ليست عدوًا بحد ذاتها، بل سلاح ذو حدين، واستخدامها الآمن يكون فقط تحت إشراف طبيب مختص يوازن بين الحاجة لتسكين الألم والحفاظ على صحة الكلى.
